هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨]، فهو تأكيد لأن دعوة الرسول دعوة خالصة إلى الله، مجردة من كل غرض {إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ}. وكلمة {مَآبِ} من الأوب وهو الرجوع، أي إليه مرجعي ومصيري على غرار قوله تعالى:{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
وقوله تعالى:{كَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا} معناه كما أنزلنا كتبا أخرى على رسل سابقين أنزلنا عليك القرآن محكما معربا، بلسان عربي مبين، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم: ٤]. وواضح أن كتاب الله وذكره الحكيم مهيمن على كل ما سبقه من الكتب والرسالات، {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}[المائدة: ٤٨] وأنه ناسخ لكثير من التشريعات والأعراف السالفة، فله الكلمة العليا عليها جميعا، وهو الحكم الأخير الذي لا معقب له، بالنسبة لأحكامها جمعاء.
وقوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} تأكيد للصفة البشرية التي اختار الله أن يكون عليها رسله إلى الناس، فهم من ناحية التكوين الخلقي بشر عاديون لا ملائكة، ولا أنصاف ملائكة، ولا صنف آخر من أصناف المخلوقات، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ}[الكهف: ١١٠]- {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}[الإسراء: ٩٣]، وهم من ناحية الانتخاب الخلقي والاصطفاء الإلهي للرسالة بشر لا كالبشر {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ