للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمران {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [الآية: ٧]. فأم الكتاب هو القسم المحكم من آيات الوحي الإلهي الذي لم يصبه أي محو ولم يلحقه أي نسخ، من العقيدة الأساسية، والشريعة الأصلية، الصالحتين للاستمرار والبقاء، والمتفق عليهما في الكتب الإلهية جمعاء، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣]. وإطلاق كلمة {أُمُّ} على ما يجري مجرى الأصل للشيء معروف في اللغة، كقولهم (أم الرأس) للدماغ.

وقوله تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} إشارة إلى أن خالق الكون متكفل بتسيير كونه طبقا لمشيئته العليا، وأن الأمر لا يتوقف على أحد من خلقه، وسواء شاهد الرسول عليه الصلاة والسلام بعيني رأسه ما بشر الله به -على لسانه- المؤمنين، وأنذر به الكافرين، أو توفاه الله إليه، وانتقل إلى الرفيق الأعلى قبل أن يشاهد ذلك، فالمهم بالنسبة إليه -بوصفه رسولا- هو أن يقوم بواجب التبليغ عن ربه خير قيام، وحساب الخلق في النهاية موكول إلى الله.

وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} كناية عما يصيب البلاد العامرة من خراب، وما يصيب الأراضي الخصبة من قحط وجدب، عقابا من الله لأهلها على

<<  <  ج: ص:  >  >>