فها هنا يشير الله إلى الدعوة العامة والوحيدة التي جاء بها كافة الرسل عن الله في جميع العصور والأجيال، كما يشير إلى الرد القبيح المتشابه، الذي توارثه خصوم الرسالات الإلهية من أولياء الشياطين، المتعصبين المتحذلقين {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
وقوله تعالى هنا:{لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} ذهب سيبويه إلى أن {مِنْ} في هذه الآية للتبعيض، وعليه يكون المعنى أن الكافر إذا أسلم غفر له ما تقدم من ذنبه، أما ما يذنبه بعد دخوله في الإسلام فهو في المشيئة، وهكذا تقع المغفرة في الذنب السالف على الإسلام، ويبقى الأمر معلقا بمشيئة الله فيما وراء ذلك، ويشبه هذه الآية قوله تعالى في سورة الأحقاف:{يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الآية: ٣١]، وقوله تعالى في سورة نوح:{قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}[الآيات: ٢، ٣، ٤] فكلها تقتضي غفران بعض الذنوب للكفار إذا آمنوا، وهذا البعض يشمل جملة ذنوبهم قبل الإيمان، مصداقا لقوله تعالى في