للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جئت به إلا عودي وأخرج، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ". قال أبو القاسم ابن جزي: " والعود هنا -أي في قوله- {لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} بمعنى الصيرورة -أي تصيرون على ملتنا- وهو كثير في كلام العرب، ولا يقتضي أن الرسل كانوا في ملة الكفار قبل ذلك، (فحاشاهم من ذلك).

وقوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} إشارة إلى ما قام به الرسل عليهم السلام من الاستنجاد بالله وطلب نصره لهم على الكفار من قومهم، وإلى أن الله لم يخلف وعده رسله، بل نصرهم على خصومهم {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}.

وقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} إشارة إلى الصفة التي يكون عليها الكفار يوم القيامة، فلفظ {مَثَلُ} هنا بمعنى الصفة نفسها، وليس المراد به مجرد ضرب المثل، ومذهب سيبويه والفراء في هذه الآية: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} هو نفس مذهبهما في قوله تعالى في بداية الربع الماضي {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد: ٣٥]. فعلى مذهب سيبويه يكون الخبر محذوفا تقديره -فيما يتلى عليكم- {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} وعلى مذهب الفراء يكون الخبر هو الجملة التي بعدها {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ} [الآية: ١٨]. وشبهت أعمال الكفار التي يظنونها أعمالا صالحة بالرماد، لذهابها وتلاشيها وعدم اعتبارها، إذ هي فاقدة للإيمان والإخلاص الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>