أن يكونوا عليه من الامتزاج والاندماج فيما بينهم، حتى يكونوا أسرة واحدة، بل ذاتا واحدة.
فمن أكل مال أخيه المسلم بالباطل فقد أكل مال نفسه في حقيقة الأمر، ومن اعتدى على أخيه المسلم بالقتل فقد اعتدى على نفسه قبل الغير، كما أن من سلم على أخيه المسلم فقد سلم في الحقيقة على نفسه، لأن المجتمع الإسلامي لا يكون (إسلاميا) إلا إذا كان مجتمعا قائما على التضامن والتكافل والتعاون والتآخي التام، بحيث لا يسيء أي فرد من أفراده إلى الباقين.
أما إذا أساء المسلم إلى إخوانه، واعتدى على حقوقهم، وألحق الأذى بمصالحهم، فإنه يفتح الباب على مصراعيه-بحكم التقليد والعدوى وغريزة الانتقام-ليسيئوا بدورهم إليه، وليعتدوا على حقوقه، وليلحقوا أكبر الأذى بمصالحه، جزءا وفاقا، وهكذا يصدق عليه المثل العربي الشهير:" على نفسها جنت براقش ".
وأما وجوه إنفاق المال التي يحض عليها الإسلام ويعطيها الأولوية بعد كفاية حاجات النفس والعيال المشروعة، فهي الإنفاق في وجوه البر التي لها أثر اجتماعي مباشر، ونفع إنساني محقق.
وذلك مثل الإنفاق على الأقرباء المحتاجين، وعلى اليتامى الفقراء العاجزين عن الكسب، وعلى المساكين الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، وعلى السائلين الذين لا يسألون الناس إلحافا، وعلى أبناء السبيل العابرين من بلد إلى بلد في طلب علم أو أداء عبادة، وعلى الأرقاء، بغية تحريرهم من الرق، وأسارى