القرآن الكريم هو الذِّكْرُ الحكيم الذي أنزله الله هداية خالدة لبني الإنسان، ونوراً ساطعاً لأهل الإيمان، وقد تعهّد الحق سبحانه وتعالى بحفظه من كل تحريف أو تبديل، كما قال في محكم التنزيل:{لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ - إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فكان بفضل التحصين الإلهي الدائم هو الكتاب المقدّس الوحيد الذي يمثّل الوحي السماوي أصدق تمثيل.
ومما اقتضتهُ الحكمة الربَّانية أن يكون هذا الكتاب المنزّل مقسماً على ١١٤ سورة تحتوي في مجموعها على ٦٠٦١٦ من الآيات البيِّنات، واقتضت أن يكون نزول آياته مُنجَّماً حسب الوقائع والأحداث، تسهيلاً لحفظه، وتيسيراً لتدبره، وعَوناً على الانتفاع به علماً وعملاً {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}.
وسيراً في نفس الاتجاه، وخدمة لنفس الغاية، ارتأى علماء القرآن أن يجزّئوا تلاوة المصحف الكريم وحفظه إلى عدة أجزاء، وأن يقسِّموا الجزء الواحد إلى عدة أحزاب، كما يقسّمون الحزب الواحد إلى الأثمان والأرباع والأنصاف.