قوله:{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ}. إلى آخر الآية. وإلى المتصفين بهذه الصفات يشير أيضا قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.
وسيرا في نفس الاتجاه الذي خطه دستور الإسلام الخالد، وهو أن للمال وظيفة اجتماعية سامية، ألا وهي الإسهام في إسعاد المجتمع ورفاهيته ورفع مستواه، وتوزيع الثروة بين أفراده على أوسع نطاق، لم يقتصر كتاب الله على ذكر نماذج من وجوه البر التي يطالب المسلم بالإنفاق فيها وهو على قيد الحياة، بل امتد نظره إلى ماذا سيكون مآل أموالهم وماذا سيفعل بها بعد موتهم.
فنزلت آيات خاصة بالمواريث تحدد فرائض الوارثين في تركة موروثهم تحديدا قاطعا لا تبديل فيه ولا تغيير {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}. إلى آخر آيات الميراث التي ستأتي مع تفسيرها بحول الله وقوته في سورة النساء.
وفي حق هؤلاء اكتفى الشارع بتحديد أنصبة الإرث الخاصة بكل وارث، ومنعهم من الانتفاع بالوصية، اكتفاء بما نالوه من إرث، طبقا لقوله صلى الله عليه وسلم عام الفتح " لا وصية لوارث ".
أما أقرباء المسلم وذوو أرحامه الذين لا يدخلون في عداد الوارثين، ولا ينجر إليهم أدنى حق في التركة، فهؤلاء قد حض الإسلام على الوصية لهم، إن كانت ثروة المسلم الذي ينتمون لقرابته تتسع للورثة الأصليين وبقية الأقربين، وذلك ما ينبغي فهمه من قوله تعالى في هذا الربع: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ