{وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ}. وقوله تعالى هنا:{وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} يماثل في معناه قوله تعالى في سورة الزمر: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}[الآية: ٣]، وينظر إليه قوله تعالى في سورة غافر:{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[الآية: ١٤].
ثم يتجه كتاب الله بخطابه إلى الناس كافة، مذكرا إياهم بأن كل ما يتقلبون فيه من النعم على اختلافها، إنما هو هبة إلهية وهبها لهم بمحض إرادته، وأن من تفضل بالعطاء، يمكن أن يعاقب بالسلب {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}.
ووصف كتاب الله في هذا السياق، حالة من الحالات اليومية التي تعرض لكثير من الناس عندما يمسهم الضر، وينزل بساحتهم الأذى، فتنكشف عن أعينهم جميع الغشاوات والحجب، وتبدو لهم أنفسهم عارية على حقيقتها من الضعف والعجز والاحتياج، ولا يستطيعون لدفع الضر عن ساحتهم حيلة ولا يهتدون سبيلا، فلا يجدون مفتوحا أمامهم إلا بابا وحيدا هو باب الرحمان الرحيم، يلجأون إليه مضطرين صاغرين، ويطرقون بابه بالشكوى صارخين مبتهلين، فيجيب بفضله دعاءهم، ويكشف برحمته ضرهم، الأمر الذي كان كافيا ليوقظ في نفوسهم على الدوام حاسة الإيمان، ويحملهم باستمرار على الشكر والطاعة والإذعان، لكنهم على العكس من ذلك، بمجرد ما يكشف الحق سبحانه عنهم الضر، ويدفع عنهم الأذى، ينسون فضل الله، ويتنكرون لنعم الله، وينتكسون مرة أخرى فيعودون إلى ما كانوا عليه من