تعالى في آية ثانية:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}[الأحقاف: ٣٣]، وقوله تعالى في آية ثالثة:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}[يس: ٨١].
وانتقل كتاب الله إلى تقرير حقيقة كونية، والكشف عن حكمة إلهية، في شأن ما احتفظ به من خزائن الأرزاق، وما وضعه بين أيدي الناس من وسائل الإنفاق، فقال تعالى:{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ}. ثم تحدث كتاب الله عن ميل الإنسان إلى التقتير على أخيه الإنسان، فقال:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا}، ومثل هذا المعنى وارد في قوله تعالى في آية أخرى:{أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا}[النساء: ٥٣] وحتى لا يستبد إنسان بإنسان، فيصبح ضحية البؤس والحرمان، أبقى الحق سبحانه وتعالى خزائن رحمته بيده، ولم يبخل منها على أي إنسان بمدده {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا}.
وبين كتاب الله في ثنايا هذه الآية نفسها أن ما طبع عليه الإنسان من الهلع والجزع، والخوف من سوء العاقبة وهول المصير، هو الذي يدفعه إلى الإمساك وعدم الإنفاق والشح والتقتير، وأحسن ما يفسر قوله تعالى هنا في وصف الإنسان بوجه عام:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} قوله تعالى في آيات أخرى: {إِنَّ