للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دخل عليها من الجهالات والضلالات، وقد أدرك الإسلام عرب الجاهلية وهم يمارسون الحج والصيام والصلاة بالمفهوم الجاهلي الذي آل إليه أمر هذه العبادات عندهم، {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: ٤٥] وكانت بداية إصلاح ما فسد منها، وتنقيتها من الشوائب، في التشريع المكي على وجه الإجمال، ثم بلغ أمر تنقيتها وتهذيبها وتجديد نظمها في التشريع المدني حد الكمال، مصداقا لقوله تعالى في آخر عهد الرسالة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

وعلى ضوء هذا التحليل ننتقل إلى أول آية في هذا الربع وهي قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ}، فقد كان الحديث في الآية قبلها عن الذين أنعم الله عليهم من النبيئين السابقين من ذرية آدم وذرية إبراهيم وإسرائيل، ومن ذرية الذين حملهم نوح معه في السفينة وبذلك يكون الضمير في قوله تعالى هنا {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} عائدا على أولئك النبيئين السابقين الذين كانوا يصلون ويأمرون الناس بالصلاة، حتى إذا جاءت الأجيال اللاحقة من بعدهم لم تهتد بهديهم في طاعة الله وتقواه، بل أقبلت على الشهوات وقطعت صلتها مع الله، ومن أجل ذلك أطلقت عليهم الآية هنا لفظ (خلف) بمعنى أولاد السوء.

ويشهد للتفسير الذي ذهبنا إليه، المبني على ربط هذه الآية بما قبلها، قوله تعالى في سورة البقرة أثناء الحديث عن بني

<<  <  ج: ص:  >  >>