ترك الصلاة فأقبل على إقامتها وحافظ على أدائها، وتراجع عن الاستغراق في الشهوات فلم يبق أسيرا من أسرائها، وانصرف إلى الأعمال الصالحة بمختلف أصنافها، فإن الله يقبل توبته، ويحسن عاقبته، ويمن عليه بأعظم منة، فيجعله من ورثة الجنة، وفي الحديث الشريف " التائب من الذنب كمن لا ذنب له "، وقوله تعالى:{وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} يقتضي أنهم لا يحاسبون على ما عملوه قبل التوبة، لأن التوبة إذا استوفت شروطها تجب ما قبلها.
وبمناسبة ذكر (الجنة) في هذا السياق تولى كتاب الله وصف الجنة التي وعد بها عباده المتقين، ترغيبا في الإقبال على العمل الصالح والتمسك بالتقوى، فقال تعالى:{جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا}.
وقوله تعالى في هذه الآية {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} يفهم منه أن رزقهم في الجنة دائم غير منقطع، على غرار قوله تعالى:{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ}[الواقعة: ٣٢، ٣٣]، ومعنى كلمة (عدن) الواردة في نص الآية الإقامة والاستقرار، والجنة دار إقامة جعلها الله إرثا للمتقين.