وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} وعد صادق من الله تعالى لكل من آن وعمل صالحا ذكرا أو أنثى بأنه سيغرس محبته في القلوب، وسيخلع عليه رداء القبول، حتى يصبح في أعين الناس المثل الأعلى للمومن المقبول المحبوب، علاوة على ما يحظى به من تيسير الله له كل عسير، وما يناله من لطفه الخفي في كل أمر خطير، مصداقا لقوله تعالى في سورة النحل {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[الآية: ٩٨]، وفي آية ثانية:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[الطلاق: ٤]. روى الترمذي من حديث سعد وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أحب الله عبدا نادى جبريل: إني قد أحببت فلانا فأحبه، فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قوله تعالى سيجعل لهم الرحمن ودا، وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل: إني أبغضت فلانا، فينادي في السماء، ثم تنزل له البغضاء في الأرض " وخرجه البخاري ومسلم بمعناه، ومالك في الموطأ وأحمد في المسند.
وبختام هذا الربع ختمت سورة مريم المكية، وكان مسك الختام التنويه بالدعوة الإسلامية وما جاءت به من البشائر للمتقين آيات الذكر الحكيم، وما ينتظر أعداءها الألداء من هلاك مقيم في عذاب الجحيم {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا * وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا}.