ويعيد كتاب الله الكرة، وكأنه يقول لمشركي قريش: من أنذر فقد أعذر {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ}، ويدعوهم إلى التماس رحمة الله وهدايته على يد خاتم رسله الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ * قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. ويؤكد لهم كتاب الله على لسان رسوله أنه قد بلغهم عن الله كل شيء لم يكتمهم شيئا، ولذلك سقط في أيديهم، ولا يمكنهم أن يؤاخذوه، إذا ضاعت عليهم هذه الفرصة {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ * إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ * وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}.
وخُتِم هذا الربع بالالتجاء إلى الله والاحتكام إليه، حتى ينصر عبده، ويهزم الأحزاب وحده، ويظهر دينه ولو كره المشركون {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.