ومناسبة بداية سورة الحج لنهاية سورة الأنبياء أن كتاب الله ذكر في نهاية سورة الأنبياء حال الأشقياء والسعداء، وما يكون عليه الفريقان يوم الفزع الأكبر، وأعذر لمشركي قريش بعد أن أنذرهم وتوعدهم، واحتكم إلى الله في شأنهم، ثم جاءت بداية سورة الحج تجدد تحذير الشاكين، وتخويف المشركين، فأشارت إلى زلزلة الساعة وشدة هولها، وذكرت ما أعد الله لمنكريها، ونبهتهم على أحقية البعث ووقوعه بتطويرهم في خلقهم أطوارا، وبهمود الأرض ثم اهتزازها بالنبات أزهارا وثمارا.
يقول الله تعالى داعيا كافة عباده إلى عبادته وتقواه، تجنبا لسخطه، وابتغاء رضاه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}.
فقوله تعالى هنا:{اتَّقُوا رَبَّكُمْ} أي اتقوا عذابه، واحترسوا بطاعته عن عقوبته، و " الاتقاء " الاحتراس من الأمر المكروه، وقوله تعالى:{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}: " الزلزلة " في الأصل شدة الحركة، ولفظها مأخوذ من زل عن الموضع إذا زال عنه وتحرك.
وقوله تعالى:{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} الظاهر أن الضمير في " ترونها " يعود على الزلزلة التي تسبق قيام الساعة، لا على الساعة نفسها، إذ الرضاع والحمل إنما يكونان في الدنيا، وليس بعد البعث حمل