للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كل من صد عن سبيله بالعذاب الأليم.

وحمل بعض المفسرين لفظ (الإلحاد) في قوله تعالى هنا: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} على معناه العام، فأدرج فيه كل ما يعد ميلا وانحرافا عن الإسلام، اعتقادا كان أو عملا، من الصغائر أو من الكبائر، كما حمل بعض المفسرين جملة " ومن يرد " على معنى العمل والنية معا، حتى أن من نوى سيئة من السيئات بمكة حوسب عليها ولو لم يعملها، لعظم حرمة المكان، أما إذا عملها فإنه يرتكب معصيتين: إحداهما بنفس المخالفة، والثانية بانتهاك حرمة البلد الحرام، وقد روي هذا التفسير عن ابن مسعود وابن عمر، وذهب إليه الضحاك وابن زيد.

وبعد أن استنكر كتاب الله ما قام به مشركو قريش من صد الرسول والمؤمنين عن بيت الله الحرام عام الحديبية، وبعدما توعد الله كل من أراد في بيته بإلحاد، انتقل مجرى الحديث إلى التذكير ببناء البيت الذي رفع قواعده إبراهيم وابنه إسماعيل، والتذكير بالرسالة السامية التي أعد الله لها هذا البيت عبر القرون والأجيال، فقال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الآيتان: ٢٤، ٢٥].

وهذه الآية تتضمن بطريق التعريض توبيخ مشركي قريش على ما هم فيه من المفارقات والتناقضات، فبينما هم يدعون البنوة لإبراهيم، إذا بهم يصرون على الشرك الذي كان إبراهيم

<<  <  ج: ص:  >  >>