الوعي بخطورة المسؤولية الملقاة على عاتقهما في صيانة الإسلام من كل ما هو دخيل، والحفاظ عليه شكلا وموضوعا، مظهرا ومخبرا، عرضا وجوهرا، حماية للكيان الإسلامي من الفناء، ووقوفا في وجه الدسائس والمؤامرات التي تحاك ضده في الخفاء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمعنى نصرة الصلاح والقيام بالإصلاح، ومحاربة الفساد والحيلولة دون الإفساد هو الواجب الأول من واجبات الدولة الإسلامية، وهو الضامن الأكبر لسلامة الدين، وسلامة المجتمع، وسلامة الدولة.
وواضح من هذه الآية الكريمة أن " تمكين " المسلمين في الأرض مشروط بهذه الشروط كلها وبما تفرع منها، فمتى توافرت كان لهم النصر والتمكين، ومتى أهملت أو أهمل بعضها حل بساحتهم الخذلان والتفكك إلى حين، {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.
واتجه الخطاب بعد ذلك إلى الرسول والمؤمنين، باستخلاص العبرة مما جرى للأنبياء والرسل السابقين، والتحذير مما أصاب أقوامهم من الهلاك والعذاب بين الحين والحين، تثبيتا لرسوله على الحق، وإنذارا للمصرين على الباطل من الخلق، فقال تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ