وللوافدين عليه من الشبهات ما يثبطونهم به عن الإسلام، ورغما عن ذلك فقد أظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون، ودخل الناس في دين الله أفواجا {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} أما قصة (الغرانيق)" السفلى " التي هول بها البعض في هذا المقام، فهي كما قال الإمام محمد بن إسحاق جامع السيرة النبوية، من وضع الزنادقة، وليس لها أصل في الإسلام، واستدل علاء الدين المعروف " بالخازن " في تفسيره على ضعفها باضطراب رواتها، واختلاف ألفاظها، وانقطاع سندها.
وقوله تعالى:{وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} في هذا السياق فسره جار الله الزمخشري بأنه " تعهد من الحق سبحانه وتعالى بتوفيق المؤمنين من أهل العلم، على تأويل ما تشابه في الدين بالتأويلات الصحيحة، وحمل ما أشكل منه على ما تقتضيه الأصول المحكمة، والقوانين الممهدة، حتى لا تلحق المؤمنين حيرة، ولا تعتريهم شبهة، ولا تزل لهم قدم ".
وختم هذا الربع بتأكيد وعد الله للسعداء، ووعيده للأشقياء، فقال تعالى في شأن الكافرين والمكذبين:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}، وقال تعالى في شأن المؤمنين الصالحين:{فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}، وخص كتاب الله المهاجرين منهم بالذكر والثناء، جزاء ما بذلوا في سبيل الله وإعلاء كلمته من التضحية