للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى المؤمنين بالبطش والسطو والتهجم، لهول ما يقرع أسماعهم من إنذار ووعيد، وما ينتظرهم وأمثالهم من العذاب الشديد، وذلك قوله تعالى في إيجاز وإعجاز: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.

وزاد كتاب الله إمعانا في توهين الشرك والمشركين، فضرب المثل بالذباب الذي هو أصغر وأضعف الأحياء، لكنه مع ذلك يحمل سر الحياة، ويحمل في كثير من الأحيان أخطر الأمراض وأعدى الجراثيم، وبين كتاب الله ان الأصنام والأوثان التي يخر لها المشركون سجدا لا تستطيع أن تدفع عنها حتى أذى الذباب، وهي أعجز ما تكون عن أن تنزع من الذباب ما سطا عليه وأخذه منها، فكيف تعبد من دون الله، وهي على ما عليه من الضعف والعجز أمام الذباب الصغير الضعيف، ونفس الأمر يرد بالنسبة للأصنام البشرية من الدعاة المضللين، الذين يسيطرون على عباد الله، فهؤلاء كلهم لو اجتمعوا منذ بدء الخليقة إلى الآن في صعيد واحد ليخلقوا ذبابا لما استطاعوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، لأن " سر الحياة " من غيب الله، والله وحده هو الذي يخلق الموت والحياة، ولو سلبهم الذباب شيئا لما استطاعوا له ردا مهما كان تافها، وإذا نقل الذباب إلى أحد من أتباعهم مثلا جرثومة السل أو جرثومة الرمد، سقط فريسة المرض والكمد، وإلى هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>