للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليدها، أداء لرسالة الأمومة على وجهها الكامل، دون كبر ولا بخل ولا أنانية، مادامت صحيحة سليمة، وتمتد مدة الرضاعة من ثدييها عامين كاملين، وذلك تمكينا للوليد من تغذيته تغذية طبيعية نظيفة، وحماية له من الجراثيم والعناصر الغريبة من جهة، ومن المواد الغذائية التي لا يقوى جهازه الضعيف على هضمها، من جهة أخرى، حتى يمر الوليد بمرحلة نموه الأولى-وهي أخطر المراحل- في سلامة وأمان، وراحة واطمئنان، فهذه هي الرضاعة التامة التي ينصح بها كتاب الله، إذ يقول: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}. قال الإمام مالك: كل أم يلزمها رضاع ولدها بما أخبر الله تعالى من حكم الشريعة فيها.

لكن إذا كانت للزوجين-الأب والأم-أو لأحدهما مصلحة مشروعة تستلزم التخفيض من مدة الرضاع المقدرة بسنتين، وتقتضي فطام وليدهما بعد مرور ما يقارب السنتين، ولم يكن ينتج عن هذا التخفيض والفطام المبكر أي ضرر على الوليد، فإن الشارع لا يقف في طريق التخفيض ولا يؤخذ عليه، بشرط أن يتم كل ذلك بعد اتفاق الأب والأم عليه، وتشاورهما وتراضيهما في شأنه، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا}. أي فطاما لوليدهما {عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا}.

ولم يغفل كتاب الله الإشارة إلى الحكم المشروع في الأحوال التي قد يضطر فيها إلى الاستغناء عن إرضاع الأم لوليدها، وتأجير ظئر لإرضاعه بدلا منها إذا كان يقبل الرضاع من غير أمه، مثال ذلك أن تكون الأم غير قادرة على القيام بإرضاع وليدها بحيث

<<  <  ج: ص:  >  >>