للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التصديق، وكافر بها مكذب لها بلغ الغاية في الكفر والعناد، وتوجت هذه السورة الكريمة بخاتمة عظيمة تتضمن وصفا كاشفا " لعباد الرحمن " الذين أكرمهم الله بالإيمان والأمان، فأضافهم إلى نفسه إضافة تفضل وإحسان، وقد جاءت فاتحة سورة الفرقان، لتكون لموضوعاتها الرئيسية أفضل تمهيد وخير عنوان، فقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} يتضمن إثبات الوحي وإثبات الرسالة وتوكيد صدق الرسول، وقوله تعالى على التوالي: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} صريح في إثبات التوحيد، بما يتضمنه من ألوهية وربوبية، ومنافاة تامة للشرك والوثنية، وبديهي أن الإيمان بالوحي يستلزم الإيمان بجميع محتوياته، وفي طليعتها الإيمان بالمعاد، كما أن الاعتراف بقدرة الله البالغة، وبانفراده بالخلق والإبداع في النشأة الأولى، يستلزم الإيمان بقدرته على النشأة الثانية، إذ ليست أشق ولا أصعب من النشأة الأولى {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: ٢٧].

وكلمة {تَبَارَكَ} في بداية الآية الأولى من هذه السورة مأخوذة من " البركة " التي هي الزيادة من كل خير، فهي تعبير عما لله من عظمة وجلال، وعطاء متواصل، وإنعام دائم على ممر العصور والأجيال، وقد تكرر ذكرها في هذه السورة وحدها ثلاث مرات، كما وردت فيما سبق عند قوله تعالى في سورة الأعراف: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>