والوصف الحادي عشر من أوصاف " عباد الرحمن " يشير إليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} بمعنى أن لهم آذانا صاغية، وقلوبا واعية، متى ذكروا بآيات الله تذكروا، واتعظوا وازدجروا، وأكبوا عليها حرصا على استماعها، وأقبلوا على من يذكرهم بها، فلا إعراض منهم ولا إهمال، في أي حال من الأحوال، وقوله تعالى هنا:{لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} قال ابن عطية: " كأن المستمع للذكر قائم القناة قويم الأمر، فإذا أعرض وضل كان ذلك خرورا، والخرور هو السقوط على غير نظام وترتيب ". وفي شأن من أعرض ونأى بجانبه جاء قوله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}[البقرة: ٢٠٦].
والوصف الثاني عشر من أوصاف " عباد الرحمن " يشير إليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} بمعنى أنهم يأخذون حظهم المشروع من زينة الدنيا ومتاعها الطيب، ولا يحرمون أنفسهم من الحياة الزوجية، والسعي لإنجاب الذرية، ملتمسين من الله أن يهب لهم من الأزواج والأبناء ما تقر به العين وتسر به النفس، وتحصل به الكفاية، فيكون مجلبة للهناء والسعادة، ونيل الحسنى وزيادة.
والوصف الثالث عشر من أوصاف " عباد الرحمن " يشير إليه قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}، بمعنى أنهم لا يكتفون بأن يكونوا صالحين في أنفسهم بممارسة هذه الصفات وحدهم، بل يطمحون إلى أن يكونوا مصلحين لغيرهم، وقدوة حسنة لمن