الشعر الذي هو منه براء، وقد حكى كتاب الله مقالتهم من قبل في سورة الأنبياء:{بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ}[الآية: ٥]، وسيحكيها مرة ثانية في سورة الصافات:{وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}[الصافات: ٣٦]، ومرة ثالثة في سورة الطور:{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}[الطور: ٣٠]. وأبطل كتاب الله زعمهم، وسفه رأيهم، فقال في سورة يس:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ}[الآية: ٦٩]، وقال في سورة الحاقة:{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ}[الآية: ٤١]، غير أن " سورة الشعراء " التي نحن بصدد تفسيرها الآن هي التي فصلت القول في إبطال هذه الشبهة تفصيلا، وعرضت الأدلة التي تبطلها دليلا فدليلا.
وبين بداية هذه السورة ونهايتها المتعلقين بمعجزة القرآن تخللت آياتها البينات قصة موسى مع فرعون وقومه، ابتداء من الآية التاسعة، وهي قوله تعالى:{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ}، ثم قصة إبراهيم مع قومه، ابتداء من الآية التاسعة والستين، وهي قوله تعالى:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ}، ثم قصة نوح مع قومه، ابتداء من الآية الخامسة بعد المائة، وهي قوله تعالى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ}، ثم قصة هود مع عاد، ابتداء من الآية الثالثة والعشرين بعد المائة، وهي قوله