قصة نوح مع قومه {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}، وقال تعالى في بداية قصة هود مع عاد {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ}، وقال تعالى في بداية قصة صالح مع ثمود:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ}، وقال تعالى في بداية قصة لوط مع قومه {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ}، وقال تعالى في بداية قصة شعيب مع أصحاب الأيكة:{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ}، ولم يقل كتاب الله: كذب قوم نوح نوحا، أو كذبت عاد هودا، أو كذبت ثمود صالحا، أو كذبت قوم لوط لوطا، أو كذب أصحاب الأيكة شعيبا، إشعارا بأن من قابل بالتكذيب رسولا واحدا فقد كذب ضمنيا وبصورة غير مباشرة كافة الرسل، وذلك لأن الرسالات الإلهية - وإن تعددت بتعدد الأنبياء والمرسلين - هي في طبيعتها وجوهرها رسالة واحدة، صادرة من منبع واحد، هو منبع الوحي الإلهي الواحد والوحيد.
ثم إن خصائص الرسل، والأمارات المميزة لهم، التي اقتضت حكمة الله أن تكون متوافرة فيهم ليكونوا رسلا من عند الله لا تختلف في أصلها من رسول إلى آخر، بل هي متشابهة ومتماثلة، وطريقة معرفة الرسل واحدة، إذ ما منهم من أحد إلا وقد أيده الله بمعجزة يتحدى بها الكافرين، وحجة يقنع بها المنكرين، وعلى هذا الأساس ألزم الإسلام معتنقيه بعد الإيمان بالله أن يومنوا بكتبه ورسله دون استثناء، وكان شعار المسلمين {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}. يضاف إلى ما سبق أن الله تعالى أمر كل رسول من رسله بأن يبلغ قومه خبر الرسل الذين يرسلهم