واجتماعيا {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، وكلما تغلب الإنسان على نهم غرائزه السفلى، واهتدى بالتوجيهات الربانية - ولو جزئيا - فيما يمارسه من نشاط، أرخى له ربه العنان، وأعانه على قطع المراحل والأشواط، حتى تستمر سنة التطور قائمة عبر الزمان، فإذا انقلب الحال وخابت فيه جميع الآمال، على تتابع الأجيال، انقطعت صلته بالله، وأصبح بقاؤه على وجه الأرض مناقضا لحكمة الله، فأذن القاهر فوق عباده بفنائه من دون أن يبقى منه عين ولا أثر، لأنه لم يعد لوجوده أي مبرر ولا معنى يعتبر.
وفي هذا الوضع المُتَدَهْوِر دِينياً وأخلاقياً واجتماعياً في جميع أطراف العالم يبدأ ظهور العلامات التي يعقبها قيام الساعة، وهي التي يطلق عليها في نصوص السنة " أمارات " الساعة و " أشراطها "، وهذه العلامات نوعان: صغرى وكبرى، وتظهر في شكل انقلاب خطير في المجتمع وانقلاب غريب في الطبيعة، ويصل عددها إلى عشر علامات في حديث يروى عن حذيفة الغفاري ورد نصه في صحيح مسلم وسنن أبي داوود وسنن الترمذي، لكنه روي عنه مرفوعا حينا، وموقوفا عليه حينا آخر بحديث رواه أبو هريرة ذكر فيه من علامات الساعة ستا لا غير.
ومن بين العلامات الواردة في كلا الحديثين " دابة الأرض " التي نص عليها كتاب الله هنا بالخصوص، إذ قال تعالى:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ}.