والإشارة " بهذه البلدة " إلى مكة المكرمة التي هي موطن نبيه، ومهبط وحيه، ومركز بيته الحرام، ومعنى " حرمها " جعلها حراما آمنا يحترم بحرمتها الإنسان والنبات والحيوان، فلا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يتعدى على من لجأ إليها، ومن انتهك حرمتها كان من الظالمين، ثم خاطب ربه قائلا:{فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ}، وكما لقنه كتاب الله أن يحمد الله ويسلم على أصفيائه بعدما فرغ من قصص الأنبياء السابقين في هذه السورة إذ قال وهو يخاطبه:{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} هاهو يوجه إليه نفس الخطاب في ختام نفس السورة، مؤكدا نفس المعنى، فيقول له:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} ثم يتوجه إلى الناس جميعا، معلنا إليهم أنه سيأتي عليهم وقت تبهرهم فيه آيات الله، وتفرض نفسها عليهم، فلا يستطيعون لها ردا ولا إنكار {سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا} وقد عرف الناس في هذا العصر غير ما آية من آياته، وستعرف العصور القادمة بقية الآيات، تحقيقا لوعد الله الذي لا يتخلف {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.