للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخبر، وعملا بنصيحته الخالصة لوجه الله. وكما قال تعالى عن موسى وهو لا يزال في المدينة: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ}، ها هو يصفه وهو يغادر بنفس الوصف {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ}. قال القرطبي: " والخوف من الأعداء سنة الله في أنبيائه وأوليائه، مع معرفتهم به وثقتهم في نصره. والخوف لا ينافي المعرفة بالله ولا التوكل عليه، فالمخبر عن نفسه بخلاف ما طبع الله عليه نفوس بني آدم كاذب، وقد طبعهم على الهرب مما يضر نفوسهم ويؤلمها أو يتلفها ".

و" المكروه " الذي كان يتوقعه موسى وهو داخل المدينة هو إدانته ومؤاخذته بالحادث الذي اعترض طريقه، و " المكروه " الذي أصبح يتوقعه بعدما فارقها هو أن يدركه الطلب، ويتعرض له في الطريق أعوان فرعون وجنوده، الذين يبحثون عنه في كل مكان.

وبدلا من أن يقصد بنيات الطريق التي يطرقها عادة من يريدون الإفلات من قبضة الحكام، تسترا بها عن الأعين، كما توقع أعوان فرعون وجنوده، وذهبوا يتتبعون أثره فيها، ألهم الله موسى أن يسلك طريقا مأمونة ومطروقة من دون أن يشتبه في أمره أحد. فمضى في طريقه معتصما بالله، ومحتميا بالله، ومحتميا بحماه، واثقا بأن الله تعالى هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وحيثما حل وارتحل، في سهل أو جبل {قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

وبعد أن قطع مراحل الطريق في أمن وأمان، واستقبله " صالح مدين " استقبال ترحيب وحنان، قال له وهو يحاوره في نهاية

<<  <  ج: ص:  >  >>