ويتصل بهذا الموضوع أيضا قوله تعالى:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}.
وزيادة في إلقاء الأضواء على دوافع البر عند فريق ودوافع الشح عند فريق، قال تعالى:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا}. فكل شح وبخل أولا، وكل صدقة بالخبيث دون الطيب ثانيا، إنما مردهما إلى إغواء الشيطان، وتضليله للإنسان، فهو الذي يرسم لمن يغويه صورة قاتمة عن المستقبل الذي ينتظره، ويبعث في قلبه الرعب والخوف من تقلبات الدهر، ويخيل إليه موهما إياه أنه إذا بخل وشح وكنز ماله، أو أنفق الخبيث من ماله دون الطيب، فإنه يصبح بمنجاة من الفقر، مضمون الرزق، ثابت الغنى إلى الموت، وهذه الضمانة التي يعطيها له الشيطان، إنما هي مجرد زور وبهتان، ولا يقوم على صدقها من واقع الحياة المستقبلية أي برهان، بينما الحق سبحانه وتعالى يعد عباده-ووعد حق وصدق-بالفضل والغنى والرزق، ويعد المحسنين منهم بمضاعفة أرزاقهم في الدنيا وحسناتهم في الآخرة، وإذا أزل الشيطان بعض العباد فارتكبوا الفواحش ثم تابوا منها، وعدهم الله بمغفرة ذنوبهم، وشملهم بواسع رحمته {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.