للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موسى إلى نور ونار، وبينما هو كذلك {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} أي رأى نارا تضيء على بعد، وكان في رؤيته لها نوع أنس {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}. وبينما كان موسى يتوقع العثور على نار للتدفئة ونور للإضاءة، إذا به يفاجأ بما لم يكن في الحسبان، ويتبين له ان النار التي تخيلها من بعيد إنما هي شجرة خضراء، وجهته القدرة الإلهية نحوها، ليتلقى من خلالها نداء الرحمن {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وشاطئ الوادي جانبه.

وحيث أنه كان يحمل معه عصاه التي يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه خوطب في نفس الوقت بأمر إلهي مطاع: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ}، فألقاها من يده في الحين، وإذا به يفاجأ بآية العصا، تلك الآية التي سيواجه بها في الأيام القادمة فرعون وملأه، ويبطل بها سحر السحرة الذين حشرهم فرعون من جميع أطراف مملكته {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} من دون أن يلتفت إلى الوراء، وذلك لهول المفاجأة وشدة وقعها، ويتداركه الحق بلطفه ويهدئ روعه في الحين، قائلا: {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}.

ثم يجري الحق سبحانه وتعالى على اليد التي كان موسى يحمل بها عصاه آية ثانية، فيغاير بين لونها ولون جسمه العادي، وتصبح بيضاء ناصعة البياض لها شعاع وبريق، لكن من غير عاهة

<<  <  ج: ص:  >  >>