إرسال الرسول وإنزال الكتاب، لخيل إليهم أنه مظلومون، ولقالوا: كيف يعاقبنا الحق ونحن من الهداية محرومون، فلو أرسل إلينا رسولا لآمنا به وصدقناه، ولو انزل علينا كتابا لأخذنا به واتبعناه.
ويعرج كتاب الله بعد ذلك على موقف المتعنتين المعاندين الذين تمسكوا بالضلال والخبال حتى بعد إعلان الرسالة ونزول الكتاب، وأخذوا يشترطون للإيمان بخاتم الرسل ان يكون له من الآيات مثل ما أوتي موسى من قبل، والحال أنهم لم يومنوا برسالة موسى ولا برسالة عيسى من بعده، رغما عن الآيات التي قارنت رسالتهما. على أنه لا يلزم أن تكون معجزات الأنبياء عليهم السلام واحدة، كما لا يلزم فيما أنزل عليهم من الكتب أن يكون على وجه واحد.
وها هو كتاب الله يعلن كفرهم الصراح بجميع الرسالات والرسل دون استثناء، ويبين ان ما كانوا يبررون به مواقفهم ليس إلا مجرد تستر وتهرب والتواء، وذلك ما يتضمنه قوله تعالى:{فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا} وهو محمد خاتم الرسل، والقرآن خاتم الكتب {قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} وعن موسى ومحمد عليهما السلام: {قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ}.
ولقن كتاب الله لرسوله حجة أخرى تقطع أعذارهم، وتهتك أستارهم، فأمره أن يطالب أئمة الكفر بأن يقدموا له وللبشرية كتابا