للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرسل عند جمع الجميع " يوم التناد " حيث يقف المكذبون بالرسالات الإلهية حائرين مبلسين، فهم جميعا سواسية في منتهى الحيرة والإفحام، والوجوم التام، وذلك قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ} على غرار قوله تعالى في آية أخرى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء: ٧٢].

واستبعد كتاب الله من هذا الموقف المهين من خرج من الكفر إلى الإيمان، وانتقل إلى الطاعة بعد العصيان، فقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} أي من الفائزين. قال ابن كثير: " و (عسى) من الله موجبة، فإن هذا واقع بفضل الله ومنته لا محالة "، وقال الزمخشري: " و (عسى) من الكرام تحقيق ".

وانتقل كتاب الله إلى الرد على تطفل المتطفلين من عتاة المشركين، حيث أخذوا ينقصون من قدر الرسول الكريم، ويزعمون أن هناك من هو أحق منه بالرسالة، على حد قولهم: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١]، مبينا أن إرادة الله التي هي فوق كل اعتبار، هي أساس الاختيار لرسالة المصطفى المختار، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وكما قال تعالى في هذه الآية: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} أي أن الله تعالى لا يرسل من اختاروه هم، وإنما يرسل من اختاره هو، كما قال تعالى في آية

<<  <  ج: ص:  >  >>