وعداوتهم للحق، كما بين في نفس الوقت إلى أي حد بلغ ثبات إبراهيم وتضحيته في سبيل الحق، فما على وارث سر إبراهيم ومحيي ملته من بعده، إلا أن يتحمل أذى قومه، ويأخذ رسالته بقوة، إلى أن يدخل الناس في دين الله أفواجا.
وكما وصف كتاب الله سوء العاقبة التي تعرض لها أعداء الإيمان، وصف لرسوله في نفس السياق حسن العاقبة التي أكرم الله بها أولي العزم من الرسل، فقال تعالى في شأن نوح:{فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} على غرار قوله تعال فيما يأتي من سورة الصافات: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[٧٩، ٨٠]، وقال تعالى في شأن إبراهيم:{فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. وكما أنجى الله نوحا وإبراهيم من سطوة العتاة الأشرار سينجي نبيه كلما حفت به المكاره والأخطار، مصداقا لقوله تعالى:{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ}[يونس: ١٠٣].
ومما يحسن التنبيه إليه أنه إلى جانب ما حكاه كتاب الله عن قصة إبراهيم مع قومه أورد عدة آيات أخرى تخللت نفس القصة، لمجابهة خصوم الرسالات الإلهية حيثما كانوا وأينما وجدوا، فقال تعالى:{وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، إشارة إلى أن وجود المكذبين بالحق إلى جانب المصدقين به أمر معروف في كل عصر وكل جيل، ما دام يوجد في العالم قوم لا هم لهم إلا التضليل والتدجيل، لكنهم إذا اعتبروا