للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}، ومعنى {يَتَوَفَّاكُمْ} سيتوفى روحكم وينتزعها من الجسم، فتنتقل إلى عالم الأرواح، ومعنى {وُكِّلَ بِكُمْ} أن ملك الموت لا يغفل عنكم، فإذا جاء أجلكم لا يؤخركم لحظة واحدة، ومعنى {نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ} أنهم يكونون مطأطئي الرؤوس من الذل والخزي الذي يلحقهم، والندم والغم الذي يصيبهم، ومعنى {عِنْدَ رَبِّهِمْ}، أي: عند محاسبة ربهم لهم على كفرهم بلقاء الله، ومعنى قوله: {إِنَّا مُوقِنُونَ}، أي: زالت عنا الشكوك الآن، وآمنا بالبعث الذي كنا ننكره، وقبض الروح وتوفي الأنفس مرده في الحقيقة إلى الله سبحانه، مصداقا لقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} (الزمر: ٤٢)، وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} (الجاثية٢٦)، وقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} (الملك: ٢)، وينسب (التوفى) مجازا إلى الملائكة عموما، كما في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} (الأنعام: ٦١)، وإلى ملك الموت خصوصا، كما في آية هذا الربع: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ}، إشارة إلى أن الملائكة يتولون قبض الأرواح بأمر الله.

وجوابا عما قد يدور في الأذهان، أو يجري على اللسان، لماذا وجد الضال إلى جانب المهتدى، والفاجر إلى جانب المتقى، والكافر إلى جانب المؤمن، والشقي إلى جانب السعيد، قال تعالى في نفس السياق: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}، أي لو أراد الله أن يخلق الإنسان على نمط الملائكة

<<  <  ج: ص:  >  >>