للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمة الله، المهداة إلى كافة الخلق؟.

وكما قال تعالى هنا: {تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ}، بتقديم ذكر الأنعام على الأنفس، قال تعالى فيما سبق من سورة الفرقان (٤٩): {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا}، ولعل في ذلك إشارة إلى أن الإنعام على الأنعام بالسقي من الماء، والأكل من الزرع، هو في الحقيقة إنعام من الله على الإنسان نفسه، لما للإنسان في الأنعام من منافع ومصالح لا تستقيم حياته بدونها.

وعلق أبو حيان على قوله تعالى هنا: {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ}، فقال: خص الزرع بالذكر، وإن كان يخرج الله بالماء أنواعا كثيرة من الفواكه والبقول والعشب المنتفع به في الطب وغيره، تشريفا للزرع، ولأنه أعظم ما يقصد من النبات، وأوقع (الزرع) موقع النبات، وقدمت الأنعام، لأن ما ينبت تأكله الأنعام أولا بأول، قبل أن يأكل بنو آدم الحب).

ووصف كتاب الله لونا من ألوان السخرية والاستهزاء التي كان يلجأ إليها الجاحدون والمكذبون، متسائلين عن الساعة واليوم الآخر: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، والمراد (بالفتح) هنا الفصل والقضاء، والحكم الأخير الذي يقع يوم القيامة، وهو (يوم الفتح)، ثم رد عليهم كتاب الله قائلا: {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}، مؤكدا بذلك أن من لم يؤمن قبل الموت لا يقبل منه يوم القيامة إيمان ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>