الإلهية من وراء ذلك، ألا وهي أن المستوى الأخلاقي العالي الذي يريده لأزواج الرسول عليه السلام، وأهل بيته الكرام، في سلوكهم الخاص والعام، إنما يطالبهم به لتظل منزلتهم الخاصة في القلوب بمنأى عن كل نقد أو تجريح، لا بطريق التصريح ولا بطريق التلويح، فبتساميهم في السلوك والتزامه عادة وديدنا، لا يجد من قلبه مرض مغمزا ولا مطعنا، وذلك قوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وإنما قال:{لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ ... وَيُطَهِّرَكُمْ}، نظرا لاشتمال بيت النبوة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الحسن والحسين، بالإضافة إلى أزواج الرسول وبنته، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر.
ونبه جار الله الزمخشري إلى أن كتاب الله استعار كلمة (الرجس) للذنوب، وكلمة (الطهر) للتقوى، لأن عرض المقترف للسيآت والقبائح يتلوث بها ويتدنس، كما يتلوث بدنه بالأرجاس والخبائث، بينما عرض الذي يمارس الحسنات ويتشبث بالمحاسن يظل نقيا مصونا، كنقاء الثوب الطاهر النظيف.
وليؤكد كتاب الله نفس التوجيهات السامية، ويعمق معناها ومغزاها في قلوب أمهات المؤمنين وعقولهن، وجه إليهن أمرا جديدا بأن يتذكرن على الدوام ما يتلقاه الرسول عليه السلام من الوحي، فيتلوه عليهن غضا طريا، ويستمعن إليه بكرة وعشيا، وبقدر الأسبقية والأولوية في المزية، تتضاعف المسؤولية، وذلك