حق وصدق، وما خالفه فهو باطل وزور، وذلك قوله تعالى في بداية هذا الثمن:{وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}، وبمثل هذا المعنى سبق قوله تعالى في سورة البقرة (٩٧): {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}، وقوله تعالى في سورة آل عمران (٣): {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} الآية، وقوله في سورة المائدة (٤٨): {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}. الآية.
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ}، إشارة إلى أن الله تعالى (الخبير) ببواطن عباده و (البصير) بظواهرهم، لا يمكن أن ينزل لهدايتهم إلا كتابا كله حق وصدق، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}(٤٢: ٤١)، متى اتبعوه كانوا من الفائزين، وصدق الله العظيم إذ قال:(١٤: ٦٧)، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
وانتقل كتاب الله إلى التحدث عن المنة الكبرى التي من الله بها على الإنسانية، وأبقاها نعمة مسترسلة متوارثة في الأمة الإسلامية، ألا وهي نعمة القرآن الكريم، والذكر الحكيم، الذي جعله الله خاتم الكتب المنزلة، ودستور (الأمة الوسط) التي اصطفى دينها وفضله، فقال تعالى:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}، و (توريث الكتاب) يقتضي الحرص التام على القيام بحفظ نصوصه ومبانيه، والعمل المتواصل على تطبيق