وتهز كيانهم، فقال تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ}، أي: من القبور، {إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، وردا على سؤالهم يقال لهم:{هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}.
وللتذكير بقدرة الله القاهر فوق عباده، قال تعالى:{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}، كما قال تعالى في أوائل هذا الربع:{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}، وللتذكير بعدل الله المطلق بالنسبة للعاصي والمطيع والمؤمن والكافر، قوله تعالى:{فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
وخُتم هذا الربع بالحديث عن أصحاب الجنة المكرمين، وما هم عليه وأزواجهم من نعيم مقيم، فقال تعالى:{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ}، أي: مسرورون مغتبطون بتخطي الأهوال، وتجاوز الأخطار، وجواز الصراط، وضيافة الله لهم في الجنة، {فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ}، أي: ما يتمنونه ويطلبونه يأتيهم، {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}، أي: يدخل عليهم الملآئكة بالتحية من رب العالمين، بينما المجرمون يذوقون ألوان العذاب الأليم، {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}.