السلام، ولنسجل ماذا حكم به داوود لصالح المدعي، إذ سلم له المدعى عليه ولم يطعن في دعواه:{إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا}، أي: اجعلها في كفالتي وملكي، {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}، أي: أغلظ علي في القول، {قَالَ}، أي: داوود، {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ}، أي: من الأقرباء والشركاء، {لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، أي: يظلم بعضهم بعضا، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ}، أي: اختبرناه وامتحناه، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}.
وقوله تعالى:{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى}، علق عليه ابن كثير في تفسيره فقال:" هذه وصية من الله عز وجل لولاة الأمور، أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده تبارك وتعالى، وأن لا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيله " وذكر (ابن العربي) المعافري في معنى قوله تعالى: {خَلِيفَةً}، أن معنى " الخلافة " لغة هو قيام الشيء مقام الشيء، وبين أن الله قد جعل الخلافة لخلقه على العموم، كما في قوله عليه السلام:" إن الله مستخلفكم فيها -أي في الدنيا- فناظر كيف تعملون "، وجعلها على الخصوص، كما في قوله تعالى هنا:{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}، وذكر أن " الخلفاء " على أقسام: أولهم الإمام الأعظم، وآخرهم العبد في مال سيده، واستشهد على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع