أمنية جميع المسيئين، الذين يظلون طيلة حياتهم سكارى بعبادة أنفسهم وشهواتهم، حتى إذا ما حلوا بدار الجزاء ندموا على ما ضيعوا من الفرص في دار العمل، فالواجب على كل إنسان عاقل أن يبادر لاستثمار وقته- مادام في الحياة الدنيا- استثمارا جديا، يضمن له الأمن والنعيم، عندما ينتقل إلى الدار الآخرة، وذلك بإتباع النهج القويم، الذي رسمه لله لسلوك الصالحين من عباده، وبالتنازل عن مرضاة النفس الأمارة بالسوء، في سبيل مرضاة الله ورسوله، وإلى هذه المعاني وما يتصل بها يشير قوله تعالى:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
وردا على أولئك المترددين الضالين، المتعللين بالعلل الفارغة، والمتمنين للأماني الكاذبة، يقول الحق سبحانه وتعالى:{بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا}، وهذا خطاب لمن كان يسخر من دين الله، {وَاسْتَكْبَرْتَ}، وهذا خطاب لمن كان ينتهك حرمات الله ويتعدى حدوده، {وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}، وهذا خطاب لمن لم يشكر نعمة الله عليه، فاستعملها في السيئات دون الحسنات، وفي الإساءة دون الإحسان.