ثم تطرق كتاب الله لوصف الطائفة الثالثة طائفة المنافقين، فأطال الحديث عنها، وخصص للكشف عن نفاقها ثلاث عشرة آية كاملة، ابتداء من قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}، إلى قوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
وإنما طال الحديث عن طائفة المنافقين بما لم يطل به عن الطائفتين الأخريين، لأن طائفة المنافقين ذات ألوان مختلفة، وأقنعة متعددة، والكشف عن جوهرها المعقد، وعن شخصيتها المزدوجة، وعن تناقض مظهرها مع مخبرها، يحتاج إلى مزيد من الأضواء، وتنويع في الصور، وتكثير من الأمثال، وذلك حتى يكون المؤمنون على كامل البينة ومنتهى الحذر من دسائس المنافقين ومؤامراتهم وأخطارهم، ويعرفوهم بسيماهم معرفة كاشفة.