واحد أرسله الله، أو كتاب منزل من عند الله، يعتبر في دين الإسلام كافرا غير مؤمن، فالمسلم يحترم النبوات والرسالات جميعا، والمسلم يؤمن بالكتب المنزلة كلها ما دامت محتفظة بنصها الأصلي، لا يستثنى من ذلك شيئا إلا ما أدخل على نصوصه (تحريف) أو (تأويل سيئ)، مما قام به الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، وبفضل هذه العقيدة الأساسية في الإسلام لا يحس المسلم بأي حقد أو عقدة نفسية نحو بقية الأنبياء والرسل، فضلا عن أن ينظر بعين النقص إلى مقامهم الرفيع عند الله، جملة أو تفصيلا.
وكما أكد كتاب الله في هذا السياق معنى الوحدة الاعتقادية والدينية، القائمة بين جميع الأنبياء والرسل، تبعا لوحدة الواحد الأحد، واهب النبوات والرسالات، الذي نبأهم وأرسلهم إلى خلقه، فإنه حض المؤمنين جميعا على حفظ تلك الوحدة الدينية التي تمسك بها الأنبياء والرسل، وأمرهم بصيانتها من عوامل الفرقة والاختلاف.
وهذا التوجيه القرآني- وإن كان موجها بالأصالة إلى المسلمين- فإنه يمكن أن يمتد أثره حتى إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بل إلى نفس المشركين العرب، ما داموا يدعون أنهم من بقايا ملة إبراهيم، فهؤلاء جميعا إذا أنصفوا وراجعوا أنفسهم، وعادوا إلى المنبع الأول والصافي للدين الحق، يلتقون جميعا في نقطة واحدة، ويجتمعون على كلمة سواء، وهي كلمة الإسلام، وذلك قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ