أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} (٩٨:٢١)، إذ إن مضمون هذه الآية يقتضي أن المشركين وجميع معبوداتهم التي يعبدونها من دون الله سيكونون في جهنم، فأورد المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم (إشكالا) بما يقوم به النصارى من عبادة لعيسى بن مريم، وسألوه هل سيكون عيسى بن مريم أيضا في جهنم كما تكون فيها أصنام المشركين وأوثانهم التي يعبدونها من دون الله، هذا وهم يعلمون مسبقا أن عيسى بن مريم كان رسولا ولم يكن صنما، لكنهم أرادوا أن ينتقلوا من هذا القياس الفاسد -لأنه قياس مع وجود الفارق- إلى أن آلهتهم ومعبوداتهم لن تكون في النار، ما دام عيسى بن مريم لا يدخل النار، وهو في نظرهم ليس خيرا من آلهتهم، {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}، فغرضهم في الحقيقة هو الجدل والمشاكسة، لا الوصول إلى جوهر الحق في الموضوع:{مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}، وقد كانوا ينتظرون من رسول الله أن يقول لهم: إن آلهتكم خير (فيكون ذلك إقرارا لهم على عبادتها) أو يقول: (إن عيسى خير من ألهتكم) فيكون إقرارا منه بأن عيسى أهل للعبادة، أو أن ينفي (الخيرية) عنهم جميعا، وذلك طعن في عيسى، فكان فحوى جواب النبي صلى الله عليه وسلم:(إن عيسى خير من آلهتكم، ولكنه لا يستحق أن (يعبد). وذلك قوله تعالى في نفس السياق:{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}
وهكذا تولى كتاب الله إبطال قياسهم لعيسى بن مريم على آلهتهم، وبين أن الدعوة التي دعا إليها عيسى النصارى كانت