لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} عقب الإشارة لاختلاف الفرق والمذاهب النصرانية، التي تضمنها قوله تعالى:{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ}.
وأشار كتاب الله في هذا السياق إلى ما يقوم بين أهل الأهواء والضلالات من صداقة مدخولة، وخلة مشبوهة، أساسها التضامن ضد الحق وأهله، والتعاون على الإثم والعدوان، مبينا أن هذه الصداقة مهما طالت فمآلها إلى عداوة صريحة، وكراهة بالغة، بحيث تنفصم عراها لأول احتكاك يقع بينهم من أجل المغانم أو المغارم، فلا يلبث بعضهم أن يتبرأ من بعض، وتتجلى هذه القطيعة بينهم على أشدها يوم القيامة، حيث لا ينفع أحد منهم الآخر، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}، على غرار قوله تعالى حكاية عن إبراهيم الخليل وهو يخاطب قومه الضالين (٢٥: ٢٩): {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}. أما الصحبة في الله من أجل التعاون على البر والتقوى، والتزام الحق والصدق دون مداراة ولا مداهنة، فهي نافعة في الدنيا، وأثرها ممتد إلى الآخرة بفضل الله وكرمه، وذاك ما يشير إليه قوله تعالى هنا بصيغة الاستثناء:{إِلَّا الْمُتَّقِينَ}، وبشر كتاب الله المتآخين في الله، الذين قامت أخوتهم على تقوى من الله ورضوان، بأنهم سيدعون يوم القيامة بأفضل نداء يدعى به المقربون عند الله، فقال تعالى:{يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}، ثم بين السر