وتلاعبهم باسمه الأقدس، وحلفهم الأيمان الفاجرة، من أجل ربح يحاولون الحصول عليه، وهو في الحقيقة منتهى الخسارة لهم، ومنتهى البوار لتجارتهم.
فقوله تعالى:{أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} معناه أنهم لا نصيب لهم في الجنة، وقوله تعالى:{وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} معناه أنهم سيكونون محل السخط والغضب والهوان، لدى الملك الديان، وقوله تعالى:{وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} معناه لا يرحم ضراعتهم، ولا يقبل إغاثتهم، وقوله تعالى:{وَلَا يُزَكِّيهِمْ} معناه أنه يتركهم على ما حشروا عليه من أدناس ذنوبهم وأوساخها، وهل بعد هذا العقاب على خيانة الأمانة واستغلال اسم الله الأقدس في الأيمان الفاجرة، من أجل تجارة خاسرة، عقاب أكبر وأخطر، ثم يأتي ختام هذه الآية بقوله تعالى:{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي لهم عذاب مؤلم وموجع، وذلك زيادة في تأكيد العقوبات التي فصلتها الآية وأوضحتها، حتى يتجنبها من يريد لنفسه النجاة والخلاص. روى الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ثلاثة يشنؤهم الله: التاجر الحلاف، والفقير المحتال، والبخيل المنان).
وأما الأمانة المتعلقة بشؤون الدين فيشير إليها قوله تعالى:{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، فهذه الآية تشير إلى استنكار الإسلام لما تواطأ عليه أحبار اليهود ورهبان النصارى