دون مناداة ولا إزعاج، إن دل على شيء فإنما يدل على الجهل وسوء الأدب وقلة العقل، وبذلك يحض كتاب الله على وجوب انتظار المسلمين للرسول، إلى أن يفرغ من شؤونه الخاصة. ويخرج إليهم، وإذ ذاك يقبل عليه من له عنده حاجة، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وفيما يتعلق بسلوك المسلمين بعضهم مع بعض نبهت الآيات الكريمة بادئ ذي بدء إلى وجوب التثبت في كل ما ينسب إلى الغير من أقوال وأفعال، فكثيرا ما يكون الأمر المنسوب إلى الغير كذبا، وكثيرا ما تكون نسبته إلى الغير خطئا، وإذا لم يقع التثبت في نسبة الأقوال والأفعال هل هي حق أم باطل، وإذا لم يحصل التحقق منها ومن ملابساتها، وقع المسلمون في البلبلة أحيانا، وفي الظلم أحيانا، وارتكبوا من الشطط وسوء التقدير، ما يؤدي إلى سوء المصير، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}، قال ابن كثير:" من ها هنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال، لاحتمال فسقه في نفس الأمر ".
ثم لفتت الآيات الكريمة أنظار المؤمنين إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ملزما بموافقة أصحابه وترضيتهم في جميع ما يعرضون عليه من رغبات وآراء، فقد يرغبون في شيء يظنونه خيرا