الموعظة الحسنة بالقرآن، وإنما يؤثر فيهم العقاب الرادع على يد السلطان.
وسوط العقاب على المنكر والوقوف في وجهه إنما يضعه قانون الإسلام، بصفته منبعا للاستقرار والنظام، في يد أمير المؤمنين وحده، ثم في أيدي أعوانه وخدامه من الولاة المتقين، لا سيما ولاة الحسبة المختصين، لكن بإذنه وأمره، ودون افتيات عليه، فهو وحده الذي يملك من بين المسلمين حق إيقاف المنكر بالقوة، ومتابعة أهله بالعقاب، حماية للملة، وصيانة للأمة.
قال القاضي أبو بكر (ابن العربي) في تفسير هذه الآيات ما نصه: " ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
وفي هذا الحديث من غريب الفقه أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ في البيان بالخير في الفعل، وهو تغيير المنكر باليد، وإنما يبدأ باللسان والبيان، فإن لم يكن فباليد، يعني أن يحول بين المنكر وبين متعاطيه، بنزعه عنه، وبجذبه منه، فإن لم يقدر إلا بمقاتلة وسلاح فليتركه، وذلك إنما هو الفتنة، وآئلا إلى فساد أكثر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويعني بقوله (وذلك أضعف الإيمان) أنه ليس وراءه في التغيير درجة. انتهى المقصود منه والمراد، وعلى الله الاعتماد.