الدار الآخرة، فقال تعالى:{نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً}، أي: تذكركم بالنار الكبرى، كما قال مجاهد وقتادة. روى البخاري من حديث مالك، ومسلم من حديث أبي الزناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، فقالوا يا رسول الله: إن كانت لكافية. فقال: " إنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا ".
وأشار كتاب الله إلى ما في النار من منافع وفوائد لجميع البشر، فقال تعالى:{وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ}، أي متاعا للمستمتعين، من الناس أجمعين. قال ابن كثير: " وهذا التفسير أعم من غيره، فإن الحاضر والبادي من غني وفقير، الجميع محتاجون إلى النار للطبخ والاصطلاء والإضاءة، وغير ذلك من المنافع ".
وانتهت الآيات الكريمة في هذا السياق بتمجيد الله وتقديس اسمه الأعظم، بعد أن استعرضت آثار قدرته في الأكوان، وما تفضل به سبحانه وتعالى على الإنسان، من نعم سابغة تقوي في القلب روح الإيمان، وتستوجب الطاعة والإذعان، وتستحق مضاعفة الشكر والامتنان. وذلك قوله تعالى في ختام هذا الربع من كتاب الله الكريم:{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}.