ليظل المسلمون على الدوام في حيرة واضطراب وبلبلة، ولا يهتدوا سبيلا.
وهم بشهادة كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يحملون للمسلمين بغضا دفينا، وكرها عميقا، وهذا البغض يتجلى في فلتات ألسنتهم، ويبرز على ملامحهم وفي انطباعاتهم، كلما جاءت مناسبة أو دعت ضرورة لبروزه.
ثم ينعى كتاب الله على السذج من المسلمين ما هم عليه من سذاجة يستغلها خصومهم إلى أقصى الحدود، حتى أنهم ليبادرون إلى محبة أولئك الخصوم الألداء، بينما خصومهم ثابتون على حقهم، ولا يتنازلون عن بغضهم للإسلام وأهله قيد شعرة، وهذه باختصار هي بعض المعاني التي اشتمل عليها قوله تعالى، مما يجب أن نتدبره بكامل الانتباه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.
وقوله تعالى:{بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} أي بطانة من غيركم من أهل الأديان الأخرى، وبطانة الرجل هم خاصة صحبه الذين يطلعون على داخل أمره.