تأييدا لدعاويهم، وتدعيما لأكاذيبهم، ويبين كتاب الله أن الأيمان المغلظة التي يحلفونها إنما هي ستار كثيف يخفون به مقاصدهم، وسلاح خفيف يحمون به أنفسهم، حتى لا تفتضح نياتهم، ولا تنكشف عوراتهم، وحتى تستمر أحكام الإسلام الظاهرة جارية عليهم، باعتبار أنهم " مسلمون ". وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}.
ثم يتحدث كتاب الله عن المصير السيئ الذي ينتظر " المنافقين " يوم القيامة، وأن أموالهم وأولادهم لا تغني عنهم في الآخرة من الله شيئا، إذ لا يستطيعون فدية رقابهم بالمال، ولا يستطيعون نصرة أنفسهم بالرجال، وإلى ذلك يشير قوله تعالى:{لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
وحيث أن من عاش على شيء مات عليه، وحيث أن المنافقين قد تمكن النفاق من قلوبهم، واعتادوا الحلف بالأيمان الكاذبة وهم على قيد الحياة في الدنيا، واتخذوا من أيمانهم الفاجرة وقاية يتقون بها سطوة الإسلام وسلطانه، فإنهم سيواصلون نفس الخطة وهم في الآخرة، وسيحلفون أمام الله على الكذب، كما كانوا يحلفون عليه أمام رسوله والمؤمنين، جهلا منهم بأن الله يعلم السر والنجوى، وظنا منهم أن ذلك سينجيهم من عذاب الله،