وسلوك الطريق السوي، وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، " فالغد " الذي هو عبارة عن الحياة القادمة والدائمة مهما كان بعيدا فهو قريب، والتزود له أمر تقضي به الحكمة والرشد، ويستلزمه حسن التدبير، وسلامة التفكير، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}.
وتحدث كتاب الله من جديد عن روحانية القرآن الكريم، وكونه " روحا من أمر الله " يشع من خلال كلماته كل ما لله من صفات الكمال، ومظاهر القدرة والحكمة والجلال، وذلك قوله تعالى:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.
وختمت سورة " الحشر " بعقد نفيس من أسماء الله الحسنى يذكر المؤمنين بجملة من مظاهر ربوبيته، وآثار ألوهيته، في الآفاق وفي أنفسهم:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، ثم يكون " مسك الختام " تسبيحا لله وتنزيها، على لسان جميع المخلوقات في الأرض وفي السماوات، وكما ابتدأت سورة " الحشر " هكذا: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا