سطوة، وأكثرهم قوة، فضلا عن الضعفاء والمستضعفين، وهو سبحانه " الحكيم " في جميع تصرفاته الكونية، وكافة أحكامه الشرعية، وإلى ذلك يشير قوله تعالى:{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}.
ثم تحدث كتاب الله ممتنا على المسلمين الأولين، الذين اختارهم الله لتلقي رسالة الإسلام ونقلها إلى العالمين، فبعد ما كانوا محرومين من نور الله، يعيشون في صحرائهم منعزلين على هامش الحياة، وبعدما ظلوا فترة طويلة " أمّيّين " محرومين من الوحي والرسالة، أكرمهم الله برسالة سيدنا محمد عليه السلام، وأنزل الله عليه " الذكر الحكيم " ليكون دستور الإنسانية وقانونها العام، وبين الحق سبحانه أن كتاب الله إنما أنزله ليؤدي مهمتين اثنين في وقت واحد، فهو من جهة: كتاب يعلم الإنسانية ما لم تكن تعلم، إذ ينقذها من الجهل والضلال، ومن جهة أخرى: يزكّي الإنسانية، إذ يهذب أخلاقها ويطهرها من تقاليد الجهالة والفساد، وبذلك كانت مهمة القرآن الكريم مهمة مزدوجة: مهمة تعليمية تثقيفية، ومهمة أخلاقية تربوية، وبفضله تكونت المدرسة الإسلامية المثالية، الجامعة بين تثقيف الفكر وتهذيب النفس، على أساس من التناسق والتكامل والانسجام، وذلك قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
ولا بد من لفت النظر إلى حكمة يتضمنها قوله تعالى هنا: